في واقعتي : بئر معونة و الرجيع استشهد نخبة من صحابة رسول الله ( صلى الله عليه و آله وسلم ) فكان ذلك الاستشهاد انتصارًا للدعوة الالهية – المحمدية ، ليس بالمنظار المباشر بل هو الوصول بالمعنى الرسالي القرآني إلى أنقى سبل التبليغ و النصح و الارشاد حد بلوغ الحياة بالموت، أو النصر بالشهادة .

     استيعاب الشهادة بوصفها نصرًا ممتدًا من الدنيا الى العليا، و من الحياة المؤقتة الى الحياة الدائمة، يتحقق عند مكوث القلب في ركن الايمان متمسكا بالعروة الوثقى، و يقوم استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) في واقعة الطف ليمثل هذه الرؤية القائمة على: الديمومة بالعطاء، و على النصر الدائم بالشهادة الراشدة الهادية المهدية . 

    ما كان للرسالة الالهية المحمدية السمحة أن تصل للناس، نفعا ماكثا في الارض من دون نهج الشهداء في واقعتي (الرجيع و بئر معونة) لأن غدر الكافرين يحضر في كل زمان و مكان، وهو ما يستدعي شهادة تدمغه؛ لأنه زاهق بدءا و مآلا فهو النهج الملهم و الدرس الدائم.

يمثل المعنى القرآني الصادر عن آيات الشهداء التي أوردها البحث مفهوما يكتمل بآية البيع التي اشترى فيها الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، كونه الوعد بحياة من نصر دائم مستمر.

الكلمات المفتاحية : واقعة الرجيع - واقعة بئر معونة -المعنى القرآني - آيات الشهداء - آية البيع - الشهادة .

تقديم

     يذهب هذا البحث في قراءة حادثتي: الرجيع وبئر معونة اللتين استشهد فيهما نخبة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث ذهبوا شهداء على ما عملوا عليه ولأجله وفيه مما هو رضا الله ورسوله، فكانت خلاصة ما صاروا إليه بين يدي ما خرجوا لأجله أن استشهدوا (رضوان الله عليهم)، وذلك الاستشهاد ليس هزيمة بين يدي ما قصدوا تحقيقه، بل هو انتصار آخر؛ لأن الحقيقة التي نشدوها تمثّلوها في موقف الشهادة فكانت انتصاراً ينافس الهدف الذي قصدوه، فكأنهم حققوه بالمعنيين: الدنيوي المباشر، والأخروي الدائم.

   وقد توزّع البحث على أربعة مطالب تحيط بالمعنى الذي ذهبت إليه عتبة العنوان، إذ كان المطلب الأول: الشهادة بوصفها انتصاراً لا هزيمة فيه. والثاني: في مناسبة ذلك ومثاله أعني (شهداء الرجيع وبئر معونة). والثالث: ثنائية (الهزيمة - الانتصار). والرابع: المعنى القرآني. ويقف البحث بعد ذلك عند ملخصه.